مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام يشيد بالدور البارز للأستاذ الراحل محمد بن عيسى مؤسس مهرجان أصيلة الثقافي في تعزيز الثقافة العربية، ويثني على إنجازاته وإسهامه في بناء جيل جديد من المثقفين والمبدعين الذين يحملون رسالة الثقافة العربية إلى العالم

26 سبتمبر 2025
 
وقت الإنشاء: 18:46 PM
   
المشاهدات: 0

الرباط في 26 سبتمبر/ بنا / أشاد سعادة السيد نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام، بالدور البارز الذي اضطلع به الأستاذ الراحل محمد بن عيسى رحمه الله، في تعزيز الثقافة العربية، حيث أسس منتدى أصيلة الثقافي ليكون منارةً للعلم والمعرفة، وهو المنتدى الذي نجح من خلاله في جمع المثقفين والسياسيين والأدباء والفنانين العرب في منصة واحدة، حيث تم تبادل الأفكار والرؤى، مما أسهم في إثراء التجربة الثقافية العربية.

وقال السيد الحمر إن محمد بن عيسى كانت لديه رؤية واضحة حول أهمية الثقافة كوسيلة للتواصل والتفاهم بين الشعوب، وقد سعى جاهدًا لتقديم الثقافة العربية للعالم، مؤكدًا على تمازجها مع الثقافات الأخرى، مما ساهم في بناء جسور من الفهم والتعاون بين الحضارات.

جاء ذلك في الكلمة ألقاها المستشار الحمر في الجلسة الرئيسية خلال مشاركته في مهرجان أصيلة الثقافي الـ46 المنعقد بالمملكة المغربية الشقيقة، والتي خصصها لإنجازات محمد بن عيسى ومناقبه وجهوده في خدمة الثقافة العربية.

وقال إن من أبرز إنجازاته رحمه الله دعوته إلى التمازج الثقافي، فقد كان يؤمن أن الثقافة ليست حكرًا على شعب واحد، بل هي تجربة إنسانية مشتركة، وحرص على تنظيم فعاليات ثقافية متنوعة، مثل الندوات والمحاضرات والمعارض، التي جمعت بين مختلف الثقافات، مما ساعد على تعزيز الحوار وتبادل الخبرات.

وأضاف: لقد كان لمحمد بن عيسى القدرة على رؤية الجمال في التنوع الثقافي، واعتبر أن الاختلافات مصدر قوة لا ضعف. ومن خلال رؤيته، أدركنا أن الثقافة ليست مجرد مجموعة من التقاليد، بل هي كيان حيّ ومتغير باستمرار.

ونوّه السيد الحمر في كلمته، بأنه لم يقتصر دوره على تعزيز الثقافة العربية فحسب، بل كان أيضًا معلّمًا ومرشدًا للأجيال الجديدة، وألهم العديد من الشباب للانخراط في العمل الثقافي، من خلال الدعم والإلهام الذي قدّمه. حيث كانت لديه قدرة فريدة على اكتشاف المواهب الشابة، ودعمها لتصبح أصواتًا مؤثرة في المجتمع. ومن خلال ورش العمل والدورات التدريبية التي نظمها، ساهم في بناء جيل جديد من المثقفين والمبدعين، الذين يحملون رسالة الثقافة العربية إلى العالم.

وأكد السيد الحمر أن الراحل محمد بن عيسى ترك بصمة لا تُمحى في عالم الثقافة العربية، وستظل جهوده حيّة في قلوبنا وعقولنا. وإننا نؤكد اليوم على أهمية استمرار مسيرته، وأن نستمد من إرثه قوةً في تعزيز ثقافتنا والاحتفاء بتنوعها.

وتحدث السيد الحمر في كلمته عن مناقب الراحل رحمه الله وسيرته، قائلاً: في مثل هذه الأيام من العام الماضي كان محمد بن عيسى بيننا يحضننا بمحبة الأخ والصديق، ويوزع اهتمامه بيننا نحن الأصدقاء، ويسهر على راحتنا بشكل حميم، ويبث بيننا مشاعر الحب والألفة.

وأضاف: قد نقرأ عن شخصيات في التاريخ، كما قد نقرأ عن شخصيات الحاضر، ونقرأ أيضًا عن شخصيات بين الماضي والحاضر قدّموا لأوطانهم ولمجتمعاتهم ما خلدوا به ذكراهم.

وتحدث المستشار الحمر عن العلاقة التي جمعته بالراحل، قائلاً: أنا شخصيًا لم أقرأ عن محمد بن عيسى، بل عرفته وعرفني منذ ما يزيد على خمسة عقود. ومعرفتي له والصداقة بيننا لهذه السنوات أغنتني عن القراءة عنه.. فكيف أقرأ عن نفسي؟ ما جمعتنا معًا من صداقة حتمت علينا المعرفة المتبادلة وكأننا شخص واحد.

وأضاف: أنه منذ اللحظة الأولى لتعارفنا، حين كان يزور البحرين في بداية السبعينيات، تلاقت أفكارنا وهواجسنا السياسية والثقافية، والرؤية العروبية والفكر التنويري، ومدى انعكاس كل ذلك على مجتمعاتنا، وهي القضايا التي كانت تسيطر على أفكار كلينا. عرفته أيضًا إنسانًا مثقفًا، متواصلاً مع مجتمعه العربي، محبًا للجميع.

وأشار السيد الحمر إلى أنه تمر في الذهن، بسرعة البرق، ذكريات اللقاءات الأولى، والنقاشات الطويلة، والمواقف الطريفة التي كانت تنسينا همومنا نستعيد صوته وطريقته في الحديث، ونظراته المليئة بالحب أو الدعابة. لكن ما يؤلم هو الإدراك أن كل ذلك أصبح جزءًا من الماضي الذي لا يمكن استعادته.

مؤكدًا أن فقد الصديق ليس مجرد فقد شخص، بل هو فقدان جزء من الذاكرة، وقطعة من الروح، وضياع الأحاديث التي لن تُستكمل.

وقال السيد الحمر: لا شيء يشبه ألم اللحظة التي تدرك فيها أن صديقًا عزيزًا، وقامة كبيرة في مقام أخي محمد بن عيسى، قد رحل عن الدنيا.. ذلك الصديق الذي شاركته ضحكاته وأحزانه وهمومه، وكان ملاذًا في الأوقات الصعبة، يترك برحيله لي شخصيًا فراغًا لا يملأه أحد.

وقال: واليوم، وفي لحظة من لحظات التأمل، نقف لنحتفي بذكرى رجلٍ عظيم، صديق وأخ مخلص، هو المغفور له محمد بن عيسى، مؤسس منتدى أصيلة الثقافي. لقد رحل عنا جسديًا، لكن إرثه الثقافي والمعرفي سيظل خالدًا في ذاكرة كل من عرفه أو تأثر بأفكاره ورؤاه.

وأضاف قائلاً في كلمته: انظروا حولكم وسوف ترون هذا العبق الجميل الذي نشم رائحته ونتوق لصاحبه افتقدناه جالسًا معنا، متحدثًا إلينا، يهتم بنا في كل صغيرة وكبيرة، ويوفر لنا كل وسائل الراحة، لكي يكون هذا المنبر العربي، منتدى أصيلة الثقافي، واحةً يجمعنا فيها المغفور له محمد بن عيسى رحمه الله.

وقال المستشار الحمر: أنا شخصيًا افتقدته كثيرًا كنت على تواصل معه طيلة الأعوام الماضية، عامًا بعد عام، منذ خمسة عقود، لم تنقطع بيننا عُرى المودة والمحبة والتواصل، وكأننا عائلة واحدة تجمعنا الثقافة التي أحبها وعمل الكثير لأجلها. كنت أتحدث معه طويلاً عبر الهاتف، وحتى عندما أصيب بمحنة المرض الخبيث، إلى أن انقطع عن الاتصال قبل عدة أيام من وفاته.. كان أخي جمال فخرو بقربه في آخر اتصال لي معه، وقد رد عليَّ أخي جمال قائلاً: "ادعُ لصديقك وأخيك، فقد أنهكه المرض يقرؤك السلام ويعتذر لأنه أصبح عاجزًا عن الكلام".

يا لها من لحظات قاسية على كل القلوب التي تحلّق حوله، ونحن الذين رافقناه طيلة السنوات حبًا وتعلقًا بفكره ومحبته.

وفي ختام كلمته أمام منتدى أصيلة الثقافي، قال السيد الحمر: فلنستمر في نشر رسالته، ولنحافظ على الجسور التي بناها بين الثقافات والحضارات، ولنجعل من المنتدى الذي أسسه منصةً دائمة للمعرفة والإبداع. كما نتعهد في ذكراه، بمواصلة المسير على دربه، وبنشر الثقافة والفنون التي عاش من أجلها وأخلص لها، حتى أسلم الروح إلى بارئها.

ع.إ , S.E

شارك هذا الخبر