وزير الخارجية المصري: الشرق الأوسط على شفير الانفجار ومصر متمسكة بخيار السلام
نيويورك في 27 سبتمبر/ بنا / أكد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي أن الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط تقف على شفير الانفجار، مشدداً على أن مصر، الدولة المؤسسة للأمم المتحدة، ستظل بعد ثمانية عقود على التزامها بالقانون الدولي وتعزيز العمل متعدد الأطراف، إدراكاً بأن غياب الحوكمة الدولية سيكون وبالاً على الجميع.
وقال وزير الخارجية في كلمة مصر أمام المناقشة العامة للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه كان من المفترض أن يشكل مرور 80 عاماً على تأسيس المنظمة الدولية فرصة للتأمل في مسيرتها، غير أن الواقع الراهن يظهر نظاماً دولياً يعاني من سيولة غير مسبوقة وتراجع مصداقيته بفعل الانتهاكات الممنهجة للقانون الدولي وازدواجية المعايير، خاصة في الشرق الأوسط، حيث يعيش الشعب الفلسطيني تحت وطأة حرب ضروس غير عادلة.
وشدد على أن استمرار الاحتلال والإبادة الجماعية في غزة، والانتهاكات المتواصلة في الضفة الغربية، يفرغ أي حديث عن السلام من مضمونه، مؤكداً أن مصر ترفض بشكل قاطع أي سيناريوهات لتهجير الفلسطينيين باعتبار أن ذلك يمثل جريمة تطهير عرقي، وقال بوضوح إن مصر لن تكون أبداً بوابة لتصفية القضية الفلسطينية أو شريكاً في نكبة جديدة.
وأشاد عبد العاطي بمسار مؤتمر "حل الدولتين" الذي قادته فرنسا والمملكة العربية السعودية، مثمناً اعتراف عدد من الدول الكبرى بدولة فلسطين باعتبار ذلك حدثاً تاريخياً يفتح آفاقاً جديدة لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما أشاد بالدور الحيوي لوكالة "الأونروا" في دعم ملايين اللاجئين الفلسطينيين، داعياً إلى توفير تمويل مستدام لها.
وأشار إلى أن مصر طرحت خطة متكاملة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، وحذّر من أن غياب الأمن المتكافئ والمتوازن في المنطقة سيُفشل أي مسعى للاستقرار.
ولفت إلى أن مصر والسعودية قدمتا رؤية مشتركة للأمن والتعاون في المنطقة، أقرتها الجامعة العربية، لتكون أساساً لتصور جديد يقوم على التعايش والأمن المتبادل.
وأكد وزير الخارجية دعم مصر الثابت للسودان في مرحلته المفصلية الراهنة، وحرصها على الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، بما فيها الجيش الوطني، بالتعاون مع مجلس السيادة والرباعية الدولية. وفيما يخص ليبيا شدد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب لضمان استقرار ليبيا ووحدة مؤسساتها.
وفي الشأن اليمني جدد عبد العاطي تأكيد مصر على الحل وفق المرجعيات الدولية وصون حرية الملاحة وأمن البحر الأحمر الذي يعد شرياناً رئيسياً للتجارة الدولية، مشيراً إلى أن مصر تكبدت خسائر تتجاوز 9 مليارات دولار من عوائد قناة السويس نتيجة اضطراب حركة التجارة.
كما أكد أن أمن الصومال جزء لا يتجزأ من أمن الإقليم، معلناً عزم مصر المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي للدعم والاستقرار في الصومال بمكون شرطي عسكري، مع الدعوة لتوفير التمويل اللازم لهذه البعثة. وأدان الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة لبنان وسوريا، مؤكداً وجوب احترام وحدة وسلامة أراضيهما.
وفي ملف المياه أشار الوزير إلى أن إثيوبيا تمادت في فرض سياسة الأمر الواقع عبر استكمال سد النهضة بالمخالفة للقانون الدولي، مؤكداً أن مصر لن تتهاون في حماية حقوقها الوجودية المرتبطة بالنيل، ومعلناً استعداد القاهرة للجوء إلى آليات القضاء والتحكيم الدولي إذا توفرت النية الصادقة.
وعلى صعيد إصلاح النظام الدولي قال عبد العاطي إن مصر تؤكد أن إصلاح الأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية لم يعد خياراً قابلاً للتأجيل، بل ضرورة لضمان تمثيل عادل ومتوازن في آليات اتخاذ القرار، مذكراً بتمسك مصر بتوافق "عزوريني" وإعلان "سرت" لرفع الظلم التاريخي عن القارة الإفريقية. ودعا إلى زيادة تمثيل الدول النامية في عملية اتخاذ القرار المالي العالمي، وتوفير التمويل الميسر ومعالجة أزمة المديونية، مشدداً على أن مصر بذلت جهوداً كبيرة في مؤتمر المناخ (كوب 27) لتأسيس صندوق تمويل الخسائر والأضرار، غير أن أزمة تمويل المناخ ما زالت مصدر قلق متزايد.
واقتبس وزير الخارجية في ختام كلمته من كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي قوله: "إن السلام لا يولد بالقصف ولا بالقوة ولا بتطبيع ترفضه الشعوب، وإنما يُبنى فقط على أسس العدل والإنصاف والتفاهم".
ع.إ , A.A.M