زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الجمهورية الإيطالية.. آفاق جديدة لشراكة متجددة ورؤى استراتيجية مشتركة

27 سبتمبر 2025
 
وقت الإنشاء: 16:42 PM
 
آخر تحديث: 27 سبتمبر 2025 | 16:58 PM
 
المشاهدات: 5

المنامة في 27 سبتمبر/ بنا / تشكل الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله،إلى الجمهورية الإيطالية الصديقة استمراراً للعلاقات المتميزة التي تربط بين البلدين الصديقين وتعزيزاً لمساراتها الاستراتيجية استنادًا على طبيعة وعمق علاقات الصداقة القوية والمتميزة بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية، والتي ترتكز على تاريخ ممتد من التفاهم والاحترام والتنسيق المشترك.

وتأتي هذه الزيارة تجسيدًا لما توليه مملكة البحرين في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، من اهتمامٍ بتنمية الشراكات وتوسيع مسارات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة بما يحقق الأهداف والمصالح المشتركة، ويعزز جهود التنمية المستدامة التي تشهدها المملكة في شتى القطاعات، وبما ينسجم مع رسالتها النبيلة الهادفة إلى إعلاء قيم السلام والحوار والتلاقي الحضاري كقواسم إنسانية مشتركة تسهم في ترسيخ الأمن وتعزيز الاستقرار والتنمية.

وتكتسب زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أهمية متزايدة من حيث دلالاتها وتوقيتها، إذ إنها تعد فرصة مهمة لبحث سبل تطوير العلاقات الاستراتيجية في كل المجالات، لاسيما الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والتنموية، وذلك من خلال المباحثات واللقاءات التي من المقرر أن يعقدها سموه مع كبار المسؤولين في الجمهورية الإيطالية، والتي سيكون محورها الأساسي هو آليات تعزيز التعاون الثنائي، والبناء على ما تحقق من إنجازات في مختلف أوجه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فضلًا عن بحث مستجدات الأوضاع في المنطقة والعالم في ظل الظروف الدولية الراهنة، والتي تتطلب مزيدًا من التنسيق والتشاور المستمر لضمان توحيد الجهود الدولية لإرساء السلام العالمي.

وتُعبّر زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله عن حجم التقدير المتبادل لدى البلدين للأهمية الاستراتيجية لكل منهما على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما تمثله الجمهورية الإيطالية من دولة محورية في صناعة القرار العالمي، وما لديها من إرث تاريخي حضاري عميق وممتد، وما تتبوأه من مكانة بارزة في المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلى جانب قوتها وتميزها كأحد أبرز أقطاب النظام الاقتصادي الدولي، بينما تحتل مملكة البحرين موقعًا استراتيجيًا محوريًا في منطقة الخليج العربي، وتمتلك نموذجًا فريدًا ومتميزًا في التنمية المستدامة، وتتبنى نهجًا سياسيًا ودبلوماسيًا يؤمن بأهمية ترسيخ قيم السلام والتعايش، ولذلك فإن رؤى البلدين تتلاقى تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.

وخلال العقود الماضية شهدت العلاقات البحرينية الإيطالية زخمًا مستمرًا على المستويات كافة، وتجمع بينهما رؤية استراتيجية راسخة تقوم على الصداقة والاحترام المتبادل، كما أن هناك توافقًا كبيرًا في مواقفها تجاه العديد من القضايا المشتركة، ومن بينها أمن الخليج العربي، واستقرار الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة التغير المناخي، والحوار بين الحضارات والثقافات، وهو الأمر الذي أسهم في تحول وتيرة علاقات التعاون بين البلدين لتكون داعمة للتقارب ليس فقط على الصعيد الثنائي، وإنما أيضا على مستوى مسيرة التعاون الخليجي الأوروبي.

وتجسد الزيارات الرسمية المتبادلة بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية علاقات الصداقة التاريخية الوثيقة بين البلدين والحرص المشترك على تنميتها، ولعل من أبرزها زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه إلى العاصمة الإيطالية روما في يوليو 2025، وزيارات جلالته في أكتوبر 2023، ويوليو 2008، والتي شكلت جميعها مناسبة لبحث العلاقات الثنائية و سبل تعزيزها ومستجدات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وكذلك زيارات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله إلى الجمهورية الإيطالية، وآخرها في فبراير 2020، والتي شهدت تفضل سموه بافتتاح مقر سفارة مملكة البحرين في العاصمة روما، تلى ذلك افتتاح السفارة الإيطالية في مملكة البحرين عام 2022، وزيارة سموه حفظه الله لإيطاليا عام 2015م، والتي حضر خلالها افتتاح جناح مملكة البحرين بمعرض "إكسبو ميلانو 2015"، وهو الجناح الذي نال الجائزة الفضيّة بعد أن اختارته لجنة التحكيم الدولية كثاني أفضل مبنى ضمن الشروط المعماريّة الموضوعة من قبل إدارة "إكسبو" من حيث خصوصية الاستدامة في البناء وجمال الشكل.

أما على الجانب الإيطالي، فقد كانت الزيارة التي قامت بها دولة السيدة جورجيا ميلوني رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية إلى مملكة البحرين في يناير 2025 نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما وأنها كانت أول زيارة رسمية لرئيس وزراء إيطالي إلى مملكة البحرين، وجاءت تلبية لدعوة كريمة من جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وضمن جولة لها لتعزيز التعاون بين الجمهورية الإيطالية ودول الخليج العربية ومناقشة القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وأوضحت هذه الزيارة مدى تقدير الجمهورية الإيطالية لمملكة البحرين، فقد قالت دولة السيدة جورجيا ميلوني في تصريحات أدلت بها لوسائل الإعلام الإيطالية خلال الزيارة: "إن مملكة البحرين تُعد نموذجًا رائدًا لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات"، وأشادت بدور المملكة في ترسيخ مبادئ التعايش والحوار الحضاري، وأكدت أن العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية شهدت تطورًا ملموسًا في إطار التعاون الإستراتيجي القائم، وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين.

ويعتبر التعاون الاقتصادي أحد أبرز أوجه العلاقات البحرينية - الإيطالية، انطلاقًا من الموقع الاقتصادي المهم للجمهورية الإيطالية في خريطة الاقتصاد الدولي، وما لديها من نهضة صناعية متطورة، خاصة في قطاعات الصناعات الهندسية والتكنولوجية، والسيارات، فيما تمثل مملكة البحرين بيئة استثمارية واعدة للشركات الإيطالية، بفضل بنيتها التحتية الحديثة، ولموقعها في منطقة الخليج العربي، وتبنيها سياسات اقتصادية منفتحة.

ويجمع بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية علاقات اقتصادية وتجارية يعود تاريخها إلى عام 1973، وشهدت التجارة بين البلدين نموًا مستمرًا على مدار السنوات الماضية، حيث بلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين البحرين وإيطاليا 779 مليون دولار أمريكي في عام 2024، مما جعل إيطاليا الشريك الأوروبي الأول للبحرين في ذلك العام. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات حماية الاستثمار، وتجنب الازدواج الضريبي في مجال المواصلات الجوية والبحرية، والتعاون في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة، والقطاعات التجارية والاستثمارية والثقافية.

وتحتضن مملكة البحرين أكثر من 130 شركة ومؤسسة إيطالية وشريكًا تجاريًا، تستفيد مما تمثله المملكة من موقع استراتيجي، وكان آخرها قيام شركة "باريلا" الإيطالية لإنتاج الباستا بافتتاح مكتب لها في مملكة البحرين خلال العام الجاري 2025، بالإضافة إلى إعلان شركة "ريسينغ فورس" المُصنّعة لمعدات سباقات السيارات، عن توسعة مقرها الرئيسي في مملكة البحرين لمضاعفة إنتاجها من خوذات "بيل ريسينغ".

وفي فبراير 2020، أعلنت الوكالة الإيطالية للتجارة (ICE) عن افتتاح مقر لها في مملكة البحرين، وذلك في أعقاب توقيعها اتفاقية مع مجلس التنمية الاقتصادية، بهدف تطوير الروابط الاقتصادية والتجارية الثنائية، ودعم التعاون في استقطاب الاستثمارات في القطاعات الاستراتيجية ومنها التصنيع والخدمات اللوجستية، والخدمات المالية، وتكنولوجيا معلومات الاتصالات، والسياحة، والأعمال الإنشائية، والنفط والغاز.

وفي أبريل 2025، قام وفد رسمي من مملكة البحرين برئاسة معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين بزيارة إلى الجمهورية الإيطالية شملت مدن روما وبارما وميلان، وعقد الوفد سلسلة من الفعاليات واللقاءات الرسمية التي ركزت على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والتعريف بالفرص الاستثمارية المتنوعة في القطاعات ذات الأولوية لمملكة البحرين، بما في ذلك الخدمات المالية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعة، والخدمات اللوجستية، والسياحة.

ويربط بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية تعاونٌ ثقافيٌ مميز يشمل مختلف مجالات الأدب والفنون والآثار والتراث والسياحة، وهناك فعاليات فنية وموسيقية متبادلة تجرى على مدار العام، فضلًا عن تعاون البلدين في إطلاق المبادرات الهادفة إلى خدمة قضايا السلام العالمي والحوار بين الأديان والثقافات، ومن هذا المنطلق جرى تحت رعاية جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه في نوفمبر 2018 تدشين "كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي" بجامعة سابينزا الإيطالية، والذي يعبر عن التزام مملكة البحرين بتعزيز التفاهم والتسامح والوئام بين المجتمعات الدينية والثقافية المتنوعة.

ويجمع بين مملكة البحرين والجمهورية الإيطالية عددًا كبيرًا من اللجان المشتركة التي تغطي العديد من مجالات التعاون، من بينها الاقتصاد والاستثمار والقطاع العسكري، وهناك لقاءات تعقد على مدار العام بين كبار المسئولين من البلدين، ويجري تبادل زيارات الوفود من الجانبين لبحث أطر التعاون وتنميتها، وقد استضافت العاصمة روما في يونيو 2023 أعمال الاجتماع الأول للجنة البحرينية- الإيطالية المشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين، وبحثت مسار التعاون الثنائي في مختلف القطاعات.

إن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، اليوم، إلى الجمهورية الإيطالية تحمل آفاقًا جديدة نحو الشراكة الوثيقة بين البلدين الصديقين، والدفع بمسارات التعاون الثنائي بما يسهم في تحقيق المصالح المشتركة.

ع.ب, S.E, ع.ر

شارك هذا الخبر