الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 - 2026.. خارطة طريق لاستدامة تميز وعطاء المرأة البحرينية وتحقيقها الريادة في القطاعات الواعدة
المنامة في 26 يوليو / بنا / بناءً على اعتماد المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، للخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 - 2026، "المرأة البحرينية من التمكين والتقدم والسعي نحو الريادة"، متضمنةً أربعة مجالات رئيسية والتي تعتبر أولوية العمل لعامي 2025 - 2026، وهي (استقرار الأسرة، صنع واتخاذ القرار، المشاركة الاقتصادية، جودة الحياة)، وتتوزع مبادرات كل مجال على خمسة محاور هي (السياسات، الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، التوعية والتدريب، التدقيق والرقابة، المتابعة والتقييم).
ويستعرض هذا التقرير لمحة حول الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 - 2026، التي ارتكزت في إعدادها على أسس راسخة تستمد شرعيتها من مجموعة من المنطلقات والثوابت الوطنية، بدءًا من الأوامر الملكية السامية بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة ودلالات تبعيته المباشرة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ورئاسته من قبل صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم، بالإضافة إلى اختصاصات المجلس الأعلى للمرأة التي نص عليها الأمر السامي رقم (44) لسنة 2001 بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة وتعديلاته، ومفردات الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية التي تم اعتمادها من جلالة الملك المعظم عام 2005، والخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية 2007 - 2012، والخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2013 - 2022، والتقرير التقييمي للخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2013 - 2022.
وتستلهم الخطة أيضًا الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030، ومتطلبات رؤية 2050 وبرنامج الحكومة، والنموذج الوطني للتوازن بين الجنسين، وتواكب الملاحظات الختامية على تقارير مملكة البحرين الدولية الإلزامية والطوعية ومنها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو)، إلى جانب أجندة وأهداف التنمية المستدامة 2030 الـ 17، مع التركيز بشكل خاص على الأهداف ذات الارتباط المباشر بالمرأة وهي الهدف الخامس "المساواة بين الجنسين" والهدف العاشر "الحد من أوجه عدم المساواة".
وتستند الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية لعام 2025 - 2026 إلى ما تحقق من مراحل متقدمة في مسيرة تمكين المرأة البحرينية ووصولها إلى مواقع القيادة وصنع القرار في مختلف القطاعات الحيوية، لتمثّل بذلك خارطة طريق استراتيجية تستهدف مواصلة صعود المرأة البحرينية على سلم الريادة وتحقيقها مزيدًا من التميز واستدامة عطائها، من خلال تعزيز مشاركتها في التنمية الوطنية في إطارالبيئة التشريعية المتطورة والسياسات الداعمة للعنصر النسائي، والجهود المستمرة التي تركز على الاستثمار في بناء قدرات المرأة وتنميتها، وضمان تحقيق التوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص في جميع المجالات، بما يضمن استمرار المسيرة الحافلة بالإنجاز للمرأة البحرينية والتي تتمحور حول حمل مسئولياتها وواجباتها الوطنية بكل اقتدار وكفاءة.
وتعتمد الخطة منهجية علمية دقيقة في تحليل واقع المرأة البحرينية، حيث تقدم في كل مجال من مجالاتها الأربعة تحت محور "المتابعة والتقييم (قياس الأثر)" تشخيصاً دقيقاً يعتمد على أحدث البيانات والإحصاءات من مصادرها الرسمية ويقدم مؤشرات الأداء رئيسية التي تقيس التقدم المحرز في تحقيق أهداف كل مجال من خلال تحليل كفاءة وأثر وفاعلية المبادرات المنبثقة عنه، لأجل تقديم صورة واضحة عن الوضع الراهن ووضع تقييم شامل لنتائج تنفيذ المبادرات، لوضع الأهداف والخطط اللازمة لاستكمال التقدم.
واقع المرأة البحرينية
عند رصد واقع مشاركة المرأة البحرينية تبيّن ارتفاع نسب مشاركة وحضور المرأة في بعض القطاعات والتخصصات والمجالات الحيوية، حيث استطاعت المرأة البحرينية أن تتجاوز مرحلة التمكين في المشاركة السياسية والحياة العامة والسعي نحو الريادة في الوصول إلى مواقع صنع واتخاذ القرار إذ تولت المرأة مناصب وزارية في مجالات الصحة والإسكان والسياحة والشباب والتنمية المستدامة والوظائف التنفيذية على النحو الذي تنطبق به مؤشرات المشاركة في القطاع العام والخاص، وكذلك ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في الشأن العام.
وحققت المرأة حضورًا في المجالس المنتخبة وتولت المرأة البحرينية رئاسة مجلس النواب كما تولت مناصب نوعية بداخل السلطة التشريعية ومشاركتها بالمجالس البلدية والسلطة القضائية والنيابة العامة، الأمر الذي عكس نجاح العمل المؤسسي القائم على ثوابت صلبة اعتمدت آليات التشبيك والتعاون التي نفذها المجلس الأعلى للمرأة منذ بداية إنشاءه سواء من خلال توقيع مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون مع الوزارات والمؤسسات الرسمية، أو إدماج الخطة في برنامج عمل الحكومة، وتنفيذ النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين.
ومن بعض أبرز تلك المؤشرات التي رصدت واقع تمكين وتقدم المرأة في عدد من القطاعات والتخصصات، هي وصول عدد البحرينيات في القطاع الحكومي إلى 21,263 بنسبة بلغت 60% لعام 2024، ووصول عدد البحرينيات في الوظائف التنفيذية في القطاع الحكومي إلى 1,901 بنسبة بلغت 50%، كما بلغ عدد البحرينيات في الوظائف التخصصية 4,177 بنسبة بلغت 64%. وفي القطاع الخاص، بلغ عدد البحرينيات 37,381 بنسبة 36% لعام 2024، ووصل أيضاً عدد البحرينيات في الوظائف التنفيذية في القطاع الخاص إلى 2,467 بنسبة بلغت 36%، وبلغ عدد السجلات الافتراضية المملوكة للمرأة البحرينية 1,220 بنسبة 54% لعام 2024.
أما على صعيد المشاركة السياسية، فقد بلغ عدد النساء في مجلس النواب 8 بنسبة بلغت 20% لعام 2023، وبلغ عدد النساء في مجلس الشورى 10 بنسبة 25% لعام 2023، ووصل عدد النساء في المجالس البلدية 3 بنسبة بلغت 10%، وفي أمانة العاصمة 4 بنسبة بلغت 40% لعام 2023، وقد تولت المرأة أيضًا رئاسة مجلس النواب في العام 2018.
وفي القطاعات النوعية، بلغ عدد الطبيبات البحرينيات 2,798 بنسبة بلغت 66% لعام 2024، وبلغ عدد الممرضات البحرينيات 3,657 بنسبة 83% لنفس العام، أما عدد الأكاديميات البحرينيات في مؤسسات التعليم العالي فقد بلغ 536 بنسبة وصلت إلى 55% لعام 2023، كما بلغ عدد المهندسات البحرينيات في القطاع الحكومي 436 بنسبة بلغت 37% لعام 2024.
التوجهات والمرتكزات
تركز الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 - 2026 على استمرار العمل على تقليص الفجوات وتنفيذ ما لم يتم تنفيذه في الخطط السابقة لدعم مشاركة المرأة وتحقيق التوازن بين الجنسين في القطاعات التي مازالت فيها المرأة في مرحلة التمكين أو التقدم، وذلك من خلال السعي نحو تأمين الاستقرار الأسري للمرأة من خلال مواصلة تطوير المنظومة التشريعية وسياسات الحماية الاجتماعية ونشر الثقافة القانونية والتوعية الأسرية وذلك لأهمية تعزيز دور المرأة في الأسرة والمجتمع والحفاظ على القيم والثوابت والهوية الوطنية، والمحافظة على مستويات حضور المرأة في المناصب القيادية ومواقع صنع واتخاذ القرار في مختلف القطاعات.
علاوة على ذلك، تشمل توجهات الخطة استمرار السعي نحو تعزيز مركز المرأة في مؤسسات القطاع الخاص ومشاركتها في مجالس الإدارة ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز المركز الاقتصادي للمرأة لضمان استدامة المشاركة الاقتصادية للمرأة في سوق العمل مع التركيز على المجالات الحديثة والواعدة والقطاعات التقنية كالذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والتحول الرقمي من خلال تحقيق تكافؤ الفرص وتهيئة الحماية القانونية للتوفيق بين مسؤوليتها في الأسرة وعملها في المجتمع وتعزيز التوعية بالممارسات الصحية والبيئة السليمة لتعزيز جودة الحياة وتطوير خدمات السلامة في بيئة العمل، والتوعية بتداعيات تغيير المناخ على صحة لمرأة وتمكين وتعززي مساهمتها بالمحافظة على البيئة، وهذه المحاور مجتمعةً تشكل إطارًا متكاملًا يستجيب للتوجيهات الملكية والحقوق الدستورية واختصاصات المجلس الأعلى للمرأة، ويحقق أهداف المجلس في تمكين وتقدم المرأة البحرينية والسعي نحو الريادة.
إطار مؤسسي قائم على الشراكة
وضعت الخطة إطارًا مؤسسيًا واضحًا لتنفيذ المبادرات المدرجة ضمن مجالاتها الأربعة، حيث تحددت من خلال هذا الإطار الأدوار والمسؤوليات بدقة بين مختلف الجهات المعنية، مع التركيز على آليات التنسيق الفعال بين مؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، ويضمن هذا النهج المؤسسي عدم اقتصار التنفيذ على جهة واحدة، بل يجعل منه مسؤولية وطنية مشتركة تتشارك فيها الجهات ذات الاختصاصات المختلفة، وهو ما يعكس النضج في التعاطي مع قضايا تمكين المرأة، والحرص على تعزيز سبل التعاون بين المؤسسات لتحقيق الغايات المنشودة من الخطة.
رؤية مستقبلية
تقدم الخطة رؤية طموحة تعتمد على رفع مشاركة المرأة الاقتصادية بالتوازي مع تنويع فرص العمل أمام المرأة، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات الناشئة والحديثة مثل التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، وهو ما يجعل الخطة مواكِبة لمتطلبات سوق العمل المستقبلية، مما يضمن أن يكون تمكين المرأة محركًا فاعلًا للتنمية الاقتصادية، وشريك أساسي في بناء مستقبل الوطن.
مجال استقرار الأسرة
جاء تضمين مجال استقرار الاسرة في قمة أولويات المجلس الأعلى للمرأة عند إعداد الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025 و2026، ليكون هذا المجال بمثابة تأكيد على أهمية تعزيز دور المرأة كشريك فاعل في بناء الوطن والأسرة والمجتمع، والحفاظ على القيم الوطنية والهوية الأصيلة للأسرة البحرينية وأهميتها في توفير بيئة أسرية مستقرة تدعم تمكين المرأة وتوازنها بين أدوارها المختلفة. ويأتي توجه المجلس الأعلى للمرأة وتركيزه على ضمان تحقيق الاستقرار الأسري في إطار أهمية الترابط العائلي والمجتمعي، ورفع قدرة المرأة في المساهمة التنافسية في العملية التنموية القائمة على أسس تكافؤ الفرص وإدماج احتياجات المرأة فيها، وبما يحقق لها فرص متجددة للارتقاء بخياراتها نحو التوازن بين الحياة والعمل.
مجال صنع واتخاذ القرار
لطالما سعى المجلس إلى المحافظة على ما تحقق من مكتسبات لوصول المرأة البحرينية إلى مواقع صنع واتخاذ القرار لاسيما في المشاركة السياسية (السلطة التشريعية والتنفيذية)، والسعي نحو تعزيز مركز المرأة في المجالات الأخرى لرفع نسب حضورها وزيادة تمثيلها في السلطة القضائية وفي مجالس إدارة الشركات الكبرى ومؤسسات المجتمع المدني، من خلال تنفيذ مبادرات لإبراز قصص نجاح المرأة وأثر تواجدها في مواقع صنع واتخاذ القرار وتوحيد الجهود الوطنية لوضع برنامج متكامل لدعم وتمكين وصول المرأة لمجالس إدارة الشركات المساهمة (الشركات العامة المسجلة بالبورصة) من خلال مراجعة وتطوير السياسات، وتنفيذ برامج توعوية وتدريبية لبناء وتنمية قدرات المرأة وتأهيلها لعضوية مجالس إدارات الشركات في مختلف القطاعات الواعدة.
مجال المشاركة الاقتصادية
تسعى الخطة في إطار مجال المشاركة الاقتصادية إلى مواصلة الجهود لمراجعة وتطوير السياسات والأنظمة واللوائح لدعم وتعزيز مركز المرأة في القطاعات الاقتصادية، وضمان استدامة مشاركتها الفاعلة في سوق العمل ومجال ريادة الاعمال بما يحقق تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين، وإبراز النماذج المتميزة ودورها الريادي في قطاعات العمل المختلفة، مع التركيز على المجالات الحديثة والواعدة والقطاعات التقنية كالذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى الإلكتروني والتحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا المالية والاتصالات والطاقة المتجددة والعلوم الحديثة، مع توفير الحماية القانونية للتوفيق بين مسؤولياتها في الأسرة وعملها في المجتمع.
مجال جودة الحياة
يتضمن مجال جودة الحياة تنفيذ مبادرات وبرامج توعوية لتعزيز الممارسات الحياتية والصحية والبيئية السليمة للمرأة البحرينية وأسرتها، وتطوير خدمات السلامة للمرأة في بيئة العمل، مع التركيز على تعزيز رياضة المرأة البحرينية وتوفير الخدمات المساندة لها، وتحقيق التوازن لجودة حياتها، وذلك استكمالاً للجهود الوطنية في المجالات الخاصة بجودة الحياة. وقد أحرزت مملكة البحرين تقدماً كبيراً في المجالات ذات الصلة بصحة وسلامة المرأة البحرينية وتواصل تقدمها في هذا الجانب، بما يتسق مع جهود ضمان تعدد وتنوع الخيارات المتاحة للمرأة البحرينية للارتقاء بجودة حياتها، في إطار من التشريعات والسياسات الداعمة، وتكامل المجلس الأعلى للمرأة مع الشركاء والحلفاء في العمل المؤسسي للارتقاء بأوضاع المرأة.
مرحلة السعي نحو الريادة
بناءً على ما تتضمنه الخطة، فإن توجهات ومرتكزات المرحلة القادمة لعمل المجلس الأعلى للمرأة تحضيراً لما بعد عام 2026، ستركز على أن تكون السياسة العامة في مجال تنمية وتطوير شؤون المرأة مرحلة جديدة في مسيرة المراة البحرينية وتحولها من مرحلة "التمكين" و"التقدم" إلى "السعي نحو الريادة"، حيث يتطلع المجلس إلى الانتقال بالمرأة البحرينية إلى آفاق جديدة من الريادة المتميزة في مختلف المجالات والقطاعات، وهذا التحول يأتي بعد سنوات من العمل الجاد في مجال تمكين المرأة وفق اختصاصاته والتي أثمرت عن برامج ملموسة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
ن.ع, A.A